أحوال النساء في الجنة
الحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء المرسلين ، نبينا محمد وآله وصحبه أجمعين .
أما بعد : فإني لما رأيت كثرة أسئلة النساء عن أحوالهن في الجنة وماذا ينتظرهن فيها ، أحببت أن أجمع عدة فوائد تجلي هذه الموضوع لهن ، مع توثيق ذلك بالأدلة الصحيحة وأقوال العلماء . فأقول مستعينا بالله ك
فائدة (1) : لا ينكر على النساء عند سؤالهن عما سيحصل لهن في الجنة من الثواب وأنواع النعيم ، لأن النفس البشرية مولعة بالتفكير في مصيرها ومستقبلها ،ورسول الله - صلى الله عليه وسلم -لم ينكر مثل هذه الأسئلة من صحابته عن الجنة وما فيها ، ومن ذلك أنهم سألوه r : الجنة ما بناؤها ؟ ، فقال r : " لبنة من ذهب ، ولبنة من فضة . . . " إلى آخر الحديث .[ أخرجه أحمد ، والترمذي ، وصححه الألباني في تعليقه على المشكاة ( 5630 ) ] .
ومرة قالوا له : يا رسول الله هل نصل إلى نسائنا في الجنة ؟ فأخبرهم r بحصول ذلك . [ أخرجه أبو نعيم في صفة الجنة . وصححه الألباني في السلسلة الصحيحة ( 367 ) ] .
فائدة (2) : أن النفس البشرية – سواء كانت رجلا أو امرأة – تشتاق وتطرب عند ذكر الجنة وما حوته من أنواع الملذات ، وهذا حسن ، بشرط أن لا يصبح مجرد أماني باطلة دون أن نتبع ذلك بالعمل الصالح ، فإن الله يقول للمؤمنين : ] وَتِلْكَ الْجَنَّةُ الَّتِي أُورِثْتُمُوهَا بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ [ [ الزخرف : 72 ] . فشوقوا النفس بأخبار الجنة ، وصدقوا ذلك بالعمل .
فائدة (3) : أن الجنة ونعيمها ليست خاصة بالرجال دون النساء ، إنما هي قد : ] أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ [ [ آل عمران : 133 ] .
من الجنسين كما أخبرنا بذلك تعالى : قال سبحانه : ] وَمَنْ يَعْمَلْ مِنْ الصَّالِحَاتِ مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُوْلَئِكَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ [ [ النساء : 124 ].
فائدة (4) : ينبغي للمرأة أن لا تشغل بالها بكثرة الأسئلة والتنقيب عن تفصيلات دخولها للجنة : ماذا سيعمل بها ؟ أين ستذهب ؟ إلى آخر أسئلتها ، وكأنها قادمة إلى صحراء مهلكة ! ويكفيها أن تعلم أنه بمجرد دخولها الجنة تختفي كل تعاسة أو شقاء مر بها ، ويتحول ذلك على سعادة دائمة وخلود أبدي ، ويكفيها قوله تعالى عن الجنة : ] لا يَمَسُّهُمْ فِيهَا نَصَبٌ وَمَا هُمْ مِنْهَا بِمُخْرَجِينَ [ [ الحجر : 48 ] ، وقوله : ] وَفِيهَا مَا تَشْتَهِيهِ الأَنفُسُ وَتَلَذُّ الأَعْيُنُ وَأَنْتُمْ فِيهَا خَالِدُونَ [ [ الزخرف : 71 ] .
ويكفيها قبل هذا كله قوله تعالى عن أهل الجنة : ] رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ [ [ المائدة : 119 ] .
فائدة (5) : عند ذكر الله للمغريات الموجودة في الجنة من أنواع المأكولات ، والمناظر الجميلة ، والمساكن ، والملابس ، فإنه يعمم ذلك للجنسين ( الذكر والأنثى 9 ، فالجميع يستمتع بما سبق .
ويتبقى : أن الله قد أغرى الرجال وشوقهم للجنة بذكر ما فيها من ( الحور العين ) و ( النساء الجميلات ) . ولم يرد مثل هذا للنساء ، فقد تتساءل المرأة عن سبب هذا !؟
والجواب :
1 – أن الله : ] يُسْأَلُ عَمَّا يَفْعَلُ وَهُمْ يُسْأَلُونَ [ [ الأنبياء : 23 ] .
ولكن لا حرج أن نستفيد حكمة هذا العمل من النصوص الشرعية وأصول الإسلام فأقول :
2 – أن من طبيعة النساء الحياء – كما هو معلوم – ولهذا فإن الله – عز وجل – لا يشوقهن للجنة لما يستحين منه .
3 – أن شوق المرأة للرجال ليس كشوق الرجال للمرأة – كما هو معلوم – ولهذا فإن الله شوق الرجال بذكر نساء الجنة ، مصداقا لقوله r : " ما تركت بعدي فتنة ؟ أضر على النساء من الرجال " [ أخرجه البخاري ، ومسلم ] .
أما المرأة فشوقها إلى الزينة من اللباس والحلي يفوق شوقها إلى الرجال لأنه مما جبلت عليه كما قال تعالى : ] أَوَمَنْ يُنَشَّأُ فِي الْحِلْيَةِ [ [ الزخرف : 18 ] .
4 – قال الشيخ ابن عثيمين : " إنما ذكر – أي الله عز وجل – الزوجات للأزواج لأن الزوج هو الطالب وهو الراغب في المرأة ، فلذلك ذكرت الزوجات للرجال في الجنة وسكت عن الأزواج للنساء ، ولكن ليس مقتضى ذلك أنه ليس لهن أزواج ، بل لهن أزواج من بني آدم " [ المجموع الثمين : 1/175 ] .
فائدة (6) : المرأة لا تخرج عن هذه الحالات في الدنيا ، فهي :
1 – إما أن تموت قبل أن تتزوج .
2 – وإما أن تموت بعد طلاقها . قبل أن تتزوج من آخر .
3 – وإما أن تكون متزوجة ولكن لا يدخل زوجها معها الجنة – والعياذ بالله - .
4 – وإما أن تموت بعد زواجها .
5 – وإما يموت زوجها ، وتبقى بعده بلا زوج حتى تموت .
6 – وإما أن يموت زوجها فتتزوج بعده غيره .
هذه حالات المرأة في الدنيا ، ولكل حالة ما يقابلها في الجنة :
1 – فأما المرأة التي ماتت قبل أن تتزوج ، فهذه يزوجها الله – عز وجل – في الجنة من رجل من أهل الدنيا لقوله r : " ما في الجنة أعزب " [ أخرجه مسلم ( 2834 ) ] .
قل الشيخ ابن عثيمين : " إذا لم تتزوج – أي المرأة – في الدنيا ، فإن الله تعالى يزوجها ما تقر به عينها في الجنة ، فالنعيم في الجنة ليس مقصورا على الذكور ، وإنما هو للذكور والإناث ، ومن جملة النعيم : الزواج " [ المجموع الثمين ( 1/175 ) ] .
ومثلها : 2 – المرأة التي ماتت وهي مطلقة .
ومثلها : 3 – المرأة التي لم يدخل زوجها الجنة : قال الشيخ ابن عثيمين : " فالمرأة إذا كانت من أهل الجنة ولم تتزوج ، أو كان زوجها ليس من أهل الجنة ، فإنها إذا دخلت الجنة فهناك من أهل الجنة من لم يتزوجوا من الرجال " [ المجموع الثمين ( 1/173 ) ] ، أي فيتزوجها أحدهم .
4 – وأما المرأة التي ماتت بعد زواجها فهي – في الجنة – تتزوج حتى ماتت فهي زوجه له في الجنة .
6 – وأما المرأة التي مات عنها زوجها فتزوجت بعده فإنها تكون لآخر أزواجها مهما كثروا ، لقوله r : " المرأة لآخر أزواجها " [ سلسلة الأحاديث الصحيحة للألباني ( 1281 ) ] .
ولقول حذيفة – رضي الله عنه – لامرأته : " إن شئت أن تكوني زوجتي في الجنة فلا تزوجي بعدي ، فإن المرأة في الجنة لآخر أزواجها في الدنيا ، فلذلك حرم الله على أزواج النبي أن ينكحن بعده ، لأنهن أزواجه في الجنة " [ المرجع السابق ] .
مسألة : قد يقول قائل ك إنه قد ورد في الدعاء للجنازة أننا نقول : " وأبدلها زوجا خير من زوجها " [ أخرجه مسلم ( 963 ) ] .
فإذا كانت متزوجة فكيف تدعو لها بهذا ونحن نعلم أن زوجها في الدنيا هو زوجها في الجنة ، وإذا كانت لم تتزوج فأين زوجها ؟
والجواب : كما قال الشيخ ابن عثيمين : " إن كانت غير متزوجة فالمراد خيرا من زوجها المقدر لها لو بقيت ، وأما إذا كانت متزوجة فالمراد بكونه خيرا من زوجها أي خيرا منه في الصفات في الدنيا ، لأن التبديل يكون بتبديل الأعيان كما لو بعت شاة ببعير مثلا ، ويكون بتبديل الأوصاف ، كما لو قلت : بدل الله كفر هذا الرجل بإيمان ، وكما في قوله تعالى : ] يَوْمَ تُبَدَّلُ الأَرْضُ غَيْرَ الأَرْضِ وَالسَّمَاوَاتُ [ [ إبراهيم : 48 ] . والأرض هي الأرض ولكنها مدت ، والسماء هي السماء ولكنها انشقت " [ الباب المفتوح 3/23 – 24 ] .
فائدة (7) : ورد في الحديث الصحيح قوله للنساء : " إني رأيتكن أكثر أهل النار . . " [ أخرجه البخاري ومسلم ] . وفي حديث آخر قال r : " إن أقل ساكني الجنة النساء " [ أخرجه البخاري ، ومسلم ] .
وورد في حديث آخر أن لكل رجل من أهل الدنيا " زوجتان " [ أخرجه البخاري ومسلم ] . أي من نساء الدنيا .
فاختلف العلماء – لأجل هذا – في التوفيق بين الأحاديث السابقة : أي هل النساء أكثر في الجنة أم في النار ؟
فقال بعضهم : بأن النساء يكن أكثر أهل الجنة وكذلك أكثر أهل النار لكثرتهن . قال القاضي عياض : " النساء أكثر ولد آدم " [ طرح التثريب : 4/270 ].
وقال بعضهم : بأن النساء أكثر أهل النار للأحاديث السابقة . وأنهن – أيضا أكثر أهل الجنة إذا جمعن مع الحور العين فيكون الجميع أكثر من الرجال في الجنة [ التذكرة : 2/148 ].
وقال آخرون : بل هن أكثر أهل النار في بداية الأمر ، ثم يكن أكثر أهل الجنة بعد أن يخرجن من النار – أي المسلمات - .
قال القرطبي تعليقا على قوله r : " رأيتكن أكثر أهل النار " " يحتمل أن يكون هذا في وقت كون النساء في النار ، وأما بعد خروجهن في الشفاعة ورحمة الله تعالى حتى لا يبقى فيها أحد ممن قال : لا إله إلا الله فالنساء في الجنة أكثر " [ حادي الأرواح لابن القم : 144] .
الحاصل : أن تحرص المرأة أن لا تكون من أهل النار .
فائدة ( :إذا دخلت المرأة الجنة فإن الله يعيد إليها شبابها وبكارتها ، لقوله r : " إن الجنة لا يدخلها عجوز . . . إن الله تعالى إذا أدخلهن الجنة حولهن أبكارا " [ أخرجه أبو نعيم في صفة الجنة : 391 ، وحسنه الألباني في الإرواء : 375 ] .
فائدة (9) : ورد في بعض الآثار أن نساء الدنيا يكن في الجنة أجمل من الحور العين بأضعاف كثيرة ، نظرا لعبادتهن الله . [ انظر حادي الأرواح : 223 ، وتفسير القرطبي 16/154 ، وصفة الجنة لابن أبي الدنيا : 87 ] .
فائدة (10) : قال ابن القيم :" إن كل واحد محجور على عليه أن يقرب أهل غيره فيها " [ حادي الأرواح 75 ] . أي في الجنة .
وبعد : فهذه الجنة قد تزينت لكن معشر النساء كما تزينت للرجال : ] فِي مَقْعَدِ صِدْقٍ عِنْدَ مَلِيكٍ مُقْتَدِرٍ [ [ القمر : 55 ] . فالله الله أن تضعن الفرصة فإن العمر عما قليل يرتحل ولا يبقى بعده إلا الخلود الدائم ، فليكن خلودكن في الجنة – إن شاء الله – واعلمن أن الجنة مهرها الإيمان والعمل الصالح وليس الأماني الباطلة مع التفريط ، وتذكرن قوله r : " إذا صلت المرأة خمسها ، وصامت شهرها ، وحصنت فرجها ، وأطاعت زوجها ، قيل لها : ادخلي الجنة من أي أبواب الجنة شئت " [ صحيح الجامع ، للألباني : 660 ] .
واحذرن – كل الحذر – دعاة الفتنة و ( تدمير ) المرأة ، من الذين يودون إفسادكن وابتذالكن وصرفكن عن الفوز بنعيم الجنة . ولا تغرركن عبارات وزخارف هؤلاء المتحررين والمتحررات ، من الكتاب والكاتبات ، ومثلهم أصحاب ( القنوات ) ، فإنهم كما قال تعالى : ] وَدُّوا لَوْ تَكْفُرُونَ كَمَا كَفَرُوا فَتَكُونُونَ سَوَاءً [ [ النساء : 89 ] .
أسأل الله أن يوفق نساء المسلمين للفوز بجنة النعيم ، وأن يجعلهن هاديات مهديات ، وأن يصرف عنهن شياطين الإنس من دعاة وداعيات ( تحرير ) المرأة وإفسادها ، وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم .
الحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء المرسلين ، نبينا محمد وآله وصحبه أجمعين .
أما بعد : فإني لما رأيت كثرة أسئلة النساء عن أحوالهن في الجنة وماذا ينتظرهن فيها ، أحببت أن أجمع عدة فوائد تجلي هذه الموضوع لهن ، مع توثيق ذلك بالأدلة الصحيحة وأقوال العلماء . فأقول مستعينا بالله ك
فائدة (1) : لا ينكر على النساء عند سؤالهن عما سيحصل لهن في الجنة من الثواب وأنواع النعيم ، لأن النفس البشرية مولعة بالتفكير في مصيرها ومستقبلها ،ورسول الله - صلى الله عليه وسلم -لم ينكر مثل هذه الأسئلة من صحابته عن الجنة وما فيها ، ومن ذلك أنهم سألوه r : الجنة ما بناؤها ؟ ، فقال r : " لبنة من ذهب ، ولبنة من فضة . . . " إلى آخر الحديث .[ أخرجه أحمد ، والترمذي ، وصححه الألباني في تعليقه على المشكاة ( 5630 ) ] .
ومرة قالوا له : يا رسول الله هل نصل إلى نسائنا في الجنة ؟ فأخبرهم r بحصول ذلك . [ أخرجه أبو نعيم في صفة الجنة . وصححه الألباني في السلسلة الصحيحة ( 367 ) ] .
فائدة (2) : أن النفس البشرية – سواء كانت رجلا أو امرأة – تشتاق وتطرب عند ذكر الجنة وما حوته من أنواع الملذات ، وهذا حسن ، بشرط أن لا يصبح مجرد أماني باطلة دون أن نتبع ذلك بالعمل الصالح ، فإن الله يقول للمؤمنين : ] وَتِلْكَ الْجَنَّةُ الَّتِي أُورِثْتُمُوهَا بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ [ [ الزخرف : 72 ] . فشوقوا النفس بأخبار الجنة ، وصدقوا ذلك بالعمل .
فائدة (3) : أن الجنة ونعيمها ليست خاصة بالرجال دون النساء ، إنما هي قد : ] أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ [ [ آل عمران : 133 ] .
من الجنسين كما أخبرنا بذلك تعالى : قال سبحانه : ] وَمَنْ يَعْمَلْ مِنْ الصَّالِحَاتِ مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُوْلَئِكَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ [ [ النساء : 124 ].
فائدة (4) : ينبغي للمرأة أن لا تشغل بالها بكثرة الأسئلة والتنقيب عن تفصيلات دخولها للجنة : ماذا سيعمل بها ؟ أين ستذهب ؟ إلى آخر أسئلتها ، وكأنها قادمة إلى صحراء مهلكة ! ويكفيها أن تعلم أنه بمجرد دخولها الجنة تختفي كل تعاسة أو شقاء مر بها ، ويتحول ذلك على سعادة دائمة وخلود أبدي ، ويكفيها قوله تعالى عن الجنة : ] لا يَمَسُّهُمْ فِيهَا نَصَبٌ وَمَا هُمْ مِنْهَا بِمُخْرَجِينَ [ [ الحجر : 48 ] ، وقوله : ] وَفِيهَا مَا تَشْتَهِيهِ الأَنفُسُ وَتَلَذُّ الأَعْيُنُ وَأَنْتُمْ فِيهَا خَالِدُونَ [ [ الزخرف : 71 ] .
ويكفيها قبل هذا كله قوله تعالى عن أهل الجنة : ] رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ [ [ المائدة : 119 ] .
فائدة (5) : عند ذكر الله للمغريات الموجودة في الجنة من أنواع المأكولات ، والمناظر الجميلة ، والمساكن ، والملابس ، فإنه يعمم ذلك للجنسين ( الذكر والأنثى 9 ، فالجميع يستمتع بما سبق .
ويتبقى : أن الله قد أغرى الرجال وشوقهم للجنة بذكر ما فيها من ( الحور العين ) و ( النساء الجميلات ) . ولم يرد مثل هذا للنساء ، فقد تتساءل المرأة عن سبب هذا !؟
والجواب :
1 – أن الله : ] يُسْأَلُ عَمَّا يَفْعَلُ وَهُمْ يُسْأَلُونَ [ [ الأنبياء : 23 ] .
ولكن لا حرج أن نستفيد حكمة هذا العمل من النصوص الشرعية وأصول الإسلام فأقول :
2 – أن من طبيعة النساء الحياء – كما هو معلوم – ولهذا فإن الله – عز وجل – لا يشوقهن للجنة لما يستحين منه .
3 – أن شوق المرأة للرجال ليس كشوق الرجال للمرأة – كما هو معلوم – ولهذا فإن الله شوق الرجال بذكر نساء الجنة ، مصداقا لقوله r : " ما تركت بعدي فتنة ؟ أضر على النساء من الرجال " [ أخرجه البخاري ، ومسلم ] .
أما المرأة فشوقها إلى الزينة من اللباس والحلي يفوق شوقها إلى الرجال لأنه مما جبلت عليه كما قال تعالى : ] أَوَمَنْ يُنَشَّأُ فِي الْحِلْيَةِ [ [ الزخرف : 18 ] .
4 – قال الشيخ ابن عثيمين : " إنما ذكر – أي الله عز وجل – الزوجات للأزواج لأن الزوج هو الطالب وهو الراغب في المرأة ، فلذلك ذكرت الزوجات للرجال في الجنة وسكت عن الأزواج للنساء ، ولكن ليس مقتضى ذلك أنه ليس لهن أزواج ، بل لهن أزواج من بني آدم " [ المجموع الثمين : 1/175 ] .
فائدة (6) : المرأة لا تخرج عن هذه الحالات في الدنيا ، فهي :
1 – إما أن تموت قبل أن تتزوج .
2 – وإما أن تموت بعد طلاقها . قبل أن تتزوج من آخر .
3 – وإما أن تكون متزوجة ولكن لا يدخل زوجها معها الجنة – والعياذ بالله - .
4 – وإما أن تموت بعد زواجها .
5 – وإما يموت زوجها ، وتبقى بعده بلا زوج حتى تموت .
6 – وإما أن يموت زوجها فتتزوج بعده غيره .
هذه حالات المرأة في الدنيا ، ولكل حالة ما يقابلها في الجنة :
1 – فأما المرأة التي ماتت قبل أن تتزوج ، فهذه يزوجها الله – عز وجل – في الجنة من رجل من أهل الدنيا لقوله r : " ما في الجنة أعزب " [ أخرجه مسلم ( 2834 ) ] .
قل الشيخ ابن عثيمين : " إذا لم تتزوج – أي المرأة – في الدنيا ، فإن الله تعالى يزوجها ما تقر به عينها في الجنة ، فالنعيم في الجنة ليس مقصورا على الذكور ، وإنما هو للذكور والإناث ، ومن جملة النعيم : الزواج " [ المجموع الثمين ( 1/175 ) ] .
ومثلها : 2 – المرأة التي ماتت وهي مطلقة .
ومثلها : 3 – المرأة التي لم يدخل زوجها الجنة : قال الشيخ ابن عثيمين : " فالمرأة إذا كانت من أهل الجنة ولم تتزوج ، أو كان زوجها ليس من أهل الجنة ، فإنها إذا دخلت الجنة فهناك من أهل الجنة من لم يتزوجوا من الرجال " [ المجموع الثمين ( 1/173 ) ] ، أي فيتزوجها أحدهم .
4 – وأما المرأة التي ماتت بعد زواجها فهي – في الجنة – تتزوج حتى ماتت فهي زوجه له في الجنة .
6 – وأما المرأة التي مات عنها زوجها فتزوجت بعده فإنها تكون لآخر أزواجها مهما كثروا ، لقوله r : " المرأة لآخر أزواجها " [ سلسلة الأحاديث الصحيحة للألباني ( 1281 ) ] .
ولقول حذيفة – رضي الله عنه – لامرأته : " إن شئت أن تكوني زوجتي في الجنة فلا تزوجي بعدي ، فإن المرأة في الجنة لآخر أزواجها في الدنيا ، فلذلك حرم الله على أزواج النبي أن ينكحن بعده ، لأنهن أزواجه في الجنة " [ المرجع السابق ] .
مسألة : قد يقول قائل ك إنه قد ورد في الدعاء للجنازة أننا نقول : " وأبدلها زوجا خير من زوجها " [ أخرجه مسلم ( 963 ) ] .
فإذا كانت متزوجة فكيف تدعو لها بهذا ونحن نعلم أن زوجها في الدنيا هو زوجها في الجنة ، وإذا كانت لم تتزوج فأين زوجها ؟
والجواب : كما قال الشيخ ابن عثيمين : " إن كانت غير متزوجة فالمراد خيرا من زوجها المقدر لها لو بقيت ، وأما إذا كانت متزوجة فالمراد بكونه خيرا من زوجها أي خيرا منه في الصفات في الدنيا ، لأن التبديل يكون بتبديل الأعيان كما لو بعت شاة ببعير مثلا ، ويكون بتبديل الأوصاف ، كما لو قلت : بدل الله كفر هذا الرجل بإيمان ، وكما في قوله تعالى : ] يَوْمَ تُبَدَّلُ الأَرْضُ غَيْرَ الأَرْضِ وَالسَّمَاوَاتُ [ [ إبراهيم : 48 ] . والأرض هي الأرض ولكنها مدت ، والسماء هي السماء ولكنها انشقت " [ الباب المفتوح 3/23 – 24 ] .
فائدة (7) : ورد في الحديث الصحيح قوله للنساء : " إني رأيتكن أكثر أهل النار . . " [ أخرجه البخاري ومسلم ] . وفي حديث آخر قال r : " إن أقل ساكني الجنة النساء " [ أخرجه البخاري ، ومسلم ] .
وورد في حديث آخر أن لكل رجل من أهل الدنيا " زوجتان " [ أخرجه البخاري ومسلم ] . أي من نساء الدنيا .
فاختلف العلماء – لأجل هذا – في التوفيق بين الأحاديث السابقة : أي هل النساء أكثر في الجنة أم في النار ؟
فقال بعضهم : بأن النساء يكن أكثر أهل الجنة وكذلك أكثر أهل النار لكثرتهن . قال القاضي عياض : " النساء أكثر ولد آدم " [ طرح التثريب : 4/270 ].
وقال بعضهم : بأن النساء أكثر أهل النار للأحاديث السابقة . وأنهن – أيضا أكثر أهل الجنة إذا جمعن مع الحور العين فيكون الجميع أكثر من الرجال في الجنة [ التذكرة : 2/148 ].
وقال آخرون : بل هن أكثر أهل النار في بداية الأمر ، ثم يكن أكثر أهل الجنة بعد أن يخرجن من النار – أي المسلمات - .
قال القرطبي تعليقا على قوله r : " رأيتكن أكثر أهل النار " " يحتمل أن يكون هذا في وقت كون النساء في النار ، وأما بعد خروجهن في الشفاعة ورحمة الله تعالى حتى لا يبقى فيها أحد ممن قال : لا إله إلا الله فالنساء في الجنة أكثر " [ حادي الأرواح لابن القم : 144] .
الحاصل : أن تحرص المرأة أن لا تكون من أهل النار .
فائدة ( :إذا دخلت المرأة الجنة فإن الله يعيد إليها شبابها وبكارتها ، لقوله r : " إن الجنة لا يدخلها عجوز . . . إن الله تعالى إذا أدخلهن الجنة حولهن أبكارا " [ أخرجه أبو نعيم في صفة الجنة : 391 ، وحسنه الألباني في الإرواء : 375 ] .
فائدة (9) : ورد في بعض الآثار أن نساء الدنيا يكن في الجنة أجمل من الحور العين بأضعاف كثيرة ، نظرا لعبادتهن الله . [ انظر حادي الأرواح : 223 ، وتفسير القرطبي 16/154 ، وصفة الجنة لابن أبي الدنيا : 87 ] .
فائدة (10) : قال ابن القيم :" إن كل واحد محجور على عليه أن يقرب أهل غيره فيها " [ حادي الأرواح 75 ] . أي في الجنة .
وبعد : فهذه الجنة قد تزينت لكن معشر النساء كما تزينت للرجال : ] فِي مَقْعَدِ صِدْقٍ عِنْدَ مَلِيكٍ مُقْتَدِرٍ [ [ القمر : 55 ] . فالله الله أن تضعن الفرصة فإن العمر عما قليل يرتحل ولا يبقى بعده إلا الخلود الدائم ، فليكن خلودكن في الجنة – إن شاء الله – واعلمن أن الجنة مهرها الإيمان والعمل الصالح وليس الأماني الباطلة مع التفريط ، وتذكرن قوله r : " إذا صلت المرأة خمسها ، وصامت شهرها ، وحصنت فرجها ، وأطاعت زوجها ، قيل لها : ادخلي الجنة من أي أبواب الجنة شئت " [ صحيح الجامع ، للألباني : 660 ] .
واحذرن – كل الحذر – دعاة الفتنة و ( تدمير ) المرأة ، من الذين يودون إفسادكن وابتذالكن وصرفكن عن الفوز بنعيم الجنة . ولا تغرركن عبارات وزخارف هؤلاء المتحررين والمتحررات ، من الكتاب والكاتبات ، ومثلهم أصحاب ( القنوات ) ، فإنهم كما قال تعالى : ] وَدُّوا لَوْ تَكْفُرُونَ كَمَا كَفَرُوا فَتَكُونُونَ سَوَاءً [ [ النساء : 89 ] .
أسأل الله أن يوفق نساء المسلمين للفوز بجنة النعيم ، وأن يجعلهن هاديات مهديات ، وأن يصرف عنهن شياطين الإنس من دعاة وداعيات ( تحرير ) المرأة وإفسادها ، وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم .