قصة حياة بيتهوفين
بيتهوفين شخصيّه فريده من نوعها , ولولا تعلّقه بأهداب الموسيقى حتّى آخر رمق بحياته لولعه وعشقه المبرح لها لكان قد أقدم على الانتحار من جرّاء مسار حياته الذى لايطلق عليها الا وصف المأساه خاصّة وأنّه كان شخصيّه سوداويّه اكتئابيّه بطبيعته ولم ترحمه ظروف حياته أو تعطه الفرصه لاستئناس هذه الطبيعه المزاجيّه اذ عاش حياه صعبه وبائسه منذ نعومة أظافره واضطر منذ الصغر للانفاق على عائلته المكوّنه من والدته المريضه بالدرن (السل) وأخويه المعاقين , وأبيه السكّير منعدم الشرف والأخلاق وفاقد الضمير والاحساس , لقد كان بيتهوفين فقير النشأه كما كان فقير الممات.
ويندرج بيتهوفين تحت بند الموسيقيين العصاميين الذين بذلوا الجهد والعرق من أجل تنمية موهبتهم , وصحيح أن بيتهوفين بدء العزف على الماندولين منذ سن مبكّره ولكنّه لم يكن أبدا ذلك الطفل الأعجوبه مثل "موزارت" الذى ألّف قطعه موسيقيّه كامله وهو فى سن الرّابعه وحامت شكوك رجال الدين حول استحواذ الشياطين عليه فحبسوه فى زنزانه مليئه بالتعاويذ ومرشوشه بالماء المقدّس وهو فى السادسه من عمره ليصرفوا عنه هذه الشياطين الموسيقيّه فخرج لهم من الزنزانه بنوتة احدى مقطوعاته الجديده , ولم يكن بذلك الطفل المعجزه مثل "نيكولو باجانينى" الذى كان يستطيع عزف أى مقطوعه على كمان بوتر واحد فقط وهو فى سن الرابعه والذى ذهب وهو فى التاسعه لمنزل جوزيبى رولا ليطلب من التتلمذ على يديه وأثناء استئذان الخادم من رولا لادخال باجانينى عليه لأن رولا كان مريضا ولا يغادر الفراش ويرفض مقابلة أى أحد كان الطفل باجانينى قد وجد على البيانو نوتة أحد اعمال رولا فأمسك بالكمان وأخذ يعزفها فهرع رولا من سريره الى غرفة الجلوس ليعرف من هذا الذى يعزف مقطوعته ليقول له أنه ليس فى حاجه لأن يتتلمذ على يديه أو على يدى أى أحد آخر , وان كان باجانينى قد أضاع كل ماكان ينتظره من مجد فى حياته الفنّيه بالانغماس فى الشراب والقمار وانجرف فى طريق النساء الى أن مات فقيرا معدما , كما لم يكن بيتهوفين بذلك الطفل الذى كان يستقى الهامه الموسيقى بالكامل من السماء دون الاحساس بالحاجه لبذل الجهد كيوهان برامز الذى عزف أمام جوزيف يواكيم أشهر موسيقيى عصره قطعه موسيقيّه كامله على البيانو عن طريق تغيير مقامها تلقائيا لوجود خلل فنّى بالبيانو الذى لم يكن مدوزن دوزان صحيح , وكان لايزال حينئذ فى الخامسه , بل كان بيتهوفين طفلا موهوبا فقط وليس معجزه أو أعجوبه ولكنّه بذل العرق وكافح وعانى حتّى حوّل هذه الموهبه الى فيضان من المشاعر والالحان التى لم يقوى على التفوق عليها كل هؤلاء ممن كان يمكنهم تجاوزه لو كانوا يملكزن نصف مالديه من عزيمه ورغبه عارمه فى الكفاح وتلذذ بالمعاناه.
لم يكن بيتهوفين بالرجل الذى عرف معنى السعاده فى حياته مع الآخرين , فبالاضافه لنشئته الأسريّه الخاليه من الحنان والحب كان عليه أن يدخل فى أواخر أيامه معركه مع زوجة أخيه ليطالب بالوصايه على ابن أخيه وهو ماتحقق له الاّ أنه فشل فى رعايته واحتوائه فهرب من منزله ومن انعزال بيتهوفين الدائم فى موسيقاه وخلف جدار من الصمم الذى كان يعانى منه وان عوّضه بيتهوفين عن ذلك بترك كل ما يملك (وهو قليل للغايه) له عند وفاته , وأى فارق هذا من الناحيه الأسريّه بين بيتهوفين وبين يوهان سيباستيان باخ مثلا الذى كان له من زوجته الأولى سبع أولاد ومن زوجته الثانيه التى حلّت محل الأولى بعد وفاتها ثلاثة عشر ولدا وكان رجل عائله ملتزما وعاش حياه أسريّه هادئه وسعيده..........واذا كان باخ بالذات شديد الورع والتديّن معتبرا أن الموسيقى هى أحد أنواع العباده مما انعكس على مؤلّفاته التى أبدع فيها مايسمّى سيمفونيّات آلام القدّيسين مثل سيمفونيّة آلام القديس يوحنا وآلام القديس متّى , واذا كان بيتهوفين لم يدخل الكنيسه الاّ قبل وفاته بعام وقام بتأليف مقطوعه دينيه فاقت روعتها كل ماسبق وتم تأليفه للترنيم , ورغم هذا المظهر الغير ملتزم دينيّا فقد كان بيتهوفين أكثر الموسيقيين تمسّكا بالأخلاقيات والمثل والمبادئ العليا على الصعيد الانسانى , فقد رأى فى نابوليون بونابرت الفارس النبيل الذى جاء لينقذ البشريّه من شرورها وينشر العدل والمساواه بين البشر فقام بتأليف سيمفونيته الثالثه واهدائها الى نابوليون , ولكنّه عندما علم بتنصيب نابوليون نفسه امبراطورا واجتياحه لأوروبا مشعلا نيران الحرب بها اكتئب بيتهوفين وانعزل عن الناس وقام بجمع جميع النوت الموسيقيّه الخاصه بهذه السيمفونيّه وقام بتعديل اسمها الى "ايرويكا" أى البطوله أهداها لروح الثوره الفرنسيّه النبيله وأتبع ذلك بتأليفه لأعظم سيمفونيّات التاريخ وهى سيمفونيّته الخامسه المعروفه باسم "ضربات القدر" والتى كانت ثوره موسيقيّه ببدايتها المعبّره عن فوران الغضب وبركان الاحساس بالخيانه وتهاوى المبادئ الذى اعترى بيتهوفين.
وليس أدل على عظمة بيتهوفين من أن ذلك العبقرى الذى أفجع القلوب وكتم الأنفاس وجعل الأبدان تقشعر من مقدّمة سيمفونيته الخامسه والتى جعل المستمع لها يشعر بضربات القدر تطرق رأسه وليس بابه فقط هو نفسه ذلك العبقرى الذى أبدع بعدها سيمفونيته السادسه التى كانت معبّره عن جمال الطبيعه وروعتها فنقل للمتلقّى أصوات تغريد البلابل وخرير المياه وحفيف الشجر رغم أنه كان غير قادر على سماعها لاشتداد الصمم عليه فى هذه الفتره لدرجة أنه كان يقوم بسكب الماء البارد على رأسه قبل الجلوس على البيانو ثم يقوم بالصاق أذنه بخشب البيانو حتى يستطيع سماع النغمات التى يؤلّفها وهو السبب الذى جعله يعتزل العزف فى دور الأوبرا بعد أن أصبح عازفا لايسمع النغمات التى تصدرها أصابعه.
ورغم اشتداد الصمم عليه حتى أصبح صمما كلّيا ظل يكافح ولا يرى لحياته معنى سوى فى ابداع وتأليف أكثر مايمكنه من الموسيقى , ولعل حبّه للموسيقى الذى ارتقى لدرجة تمحور حياته عليها يتجلّى عند عرض سيمفونيّته التاسعه فى فيينا حيث كان ظهره للجمهور وراء العازفين ولم يسمع تصفيق الجماهير فى نهاية العرض فأخذ المايسترو بيده ليدير وجهه للجمهور وتلقّى التحيّه ولكنه ما أن كاد يلتفت للجمهور حتى رأى آلة شيللو تكاد تهوى وتسقط وراء الستار الخلفى للمسرح فتناسى تلقّى تحيّة الجمهور وجرى بأقصى سرعه خلف الستار ليلحق بالآله قبل أن تهوى وتتحطّم.
وتتجلّى مأساة بيتهوفين عندما أصبح أصم بالكامل فأصبح التواصل بينه وبين الآخرين منعدما فتقوقع وانغلق على نفسه وانزوى فى منزل حقير يبدع على البيانو الخاص به وقد انفصل عن العالم لدرجة أنه أصبح وحيدا فى هذه الدنيا الاّ من نفسه ونوته الموسيقيّه فكان يخرج الى الشارع هائما تحت الثلوج والأمطار فى الشتاء النمساوى القارص وهو يرتدى ملابسه التى لم يكن يغيّرها أو يبالى بالاستحمام وتنظيفها بالثلاثة أسابيع فيجرى ورائه الأطفال جريهم وراء المجاذيب ويرشقونه بكرات الثلج ......ولكنه لم يحس بهذه المهانه لأنه كان لايرى الا الموسيقى فى حياته , وعندما زاره الموسيقى الكبير "روسينى" فى أواخر أيامه بكى بحرقه وغادر منزله المتواضع بعدما وجد بقايا الطعام مبعثره على الأرض وقطعة خبز أسود وجبن عفن وكأس نبيذ رخيص فوق البيانو ووجد بيتهوفين وهو فى حاله صحّيه يرثى لها ولا يوجد بوادر أى اعتناء منه بمظهره أو نظافته ولكنّه جالسا على البيانو ولا يبدو عليه الوعى الكامل بوجود روسينى الذى ما أن سمع القطعه الموسيقيّه العبقريّه التى كان بيتهوفين يؤلّفها فى هذه الليله حتى خرج من المنزل وهو يبكى لأنه لم يستطع أن يرى بيتهوفين يعيش مع الآلهه بفنّه ومع الكلاب بطعامه.
بيتهوفين شخصيّه فريده من نوعها , ولولا تعلّقه بأهداب الموسيقى حتّى آخر رمق بحياته لولعه وعشقه المبرح لها لكان قد أقدم على الانتحار من جرّاء مسار حياته الذى لايطلق عليها الا وصف المأساه خاصّة وأنّه كان شخصيّه سوداويّه اكتئابيّه بطبيعته ولم ترحمه ظروف حياته أو تعطه الفرصه لاستئناس هذه الطبيعه المزاجيّه اذ عاش حياه صعبه وبائسه منذ نعومة أظافره واضطر منذ الصغر للانفاق على عائلته المكوّنه من والدته المريضه بالدرن (السل) وأخويه المعاقين , وأبيه السكّير منعدم الشرف والأخلاق وفاقد الضمير والاحساس , لقد كان بيتهوفين فقير النشأه كما كان فقير الممات.
ويندرج بيتهوفين تحت بند الموسيقيين العصاميين الذين بذلوا الجهد والعرق من أجل تنمية موهبتهم , وصحيح أن بيتهوفين بدء العزف على الماندولين منذ سن مبكّره ولكنّه لم يكن أبدا ذلك الطفل الأعجوبه مثل "موزارت" الذى ألّف قطعه موسيقيّه كامله وهو فى سن الرّابعه وحامت شكوك رجال الدين حول استحواذ الشياطين عليه فحبسوه فى زنزانه مليئه بالتعاويذ ومرشوشه بالماء المقدّس وهو فى السادسه من عمره ليصرفوا عنه هذه الشياطين الموسيقيّه فخرج لهم من الزنزانه بنوتة احدى مقطوعاته الجديده , ولم يكن بذلك الطفل المعجزه مثل "نيكولو باجانينى" الذى كان يستطيع عزف أى مقطوعه على كمان بوتر واحد فقط وهو فى سن الرابعه والذى ذهب وهو فى التاسعه لمنزل جوزيبى رولا ليطلب من التتلمذ على يديه وأثناء استئذان الخادم من رولا لادخال باجانينى عليه لأن رولا كان مريضا ولا يغادر الفراش ويرفض مقابلة أى أحد كان الطفل باجانينى قد وجد على البيانو نوتة أحد اعمال رولا فأمسك بالكمان وأخذ يعزفها فهرع رولا من سريره الى غرفة الجلوس ليعرف من هذا الذى يعزف مقطوعته ليقول له أنه ليس فى حاجه لأن يتتلمذ على يديه أو على يدى أى أحد آخر , وان كان باجانينى قد أضاع كل ماكان ينتظره من مجد فى حياته الفنّيه بالانغماس فى الشراب والقمار وانجرف فى طريق النساء الى أن مات فقيرا معدما , كما لم يكن بيتهوفين بذلك الطفل الذى كان يستقى الهامه الموسيقى بالكامل من السماء دون الاحساس بالحاجه لبذل الجهد كيوهان برامز الذى عزف أمام جوزيف يواكيم أشهر موسيقيى عصره قطعه موسيقيّه كامله على البيانو عن طريق تغيير مقامها تلقائيا لوجود خلل فنّى بالبيانو الذى لم يكن مدوزن دوزان صحيح , وكان لايزال حينئذ فى الخامسه , بل كان بيتهوفين طفلا موهوبا فقط وليس معجزه أو أعجوبه ولكنّه بذل العرق وكافح وعانى حتّى حوّل هذه الموهبه الى فيضان من المشاعر والالحان التى لم يقوى على التفوق عليها كل هؤلاء ممن كان يمكنهم تجاوزه لو كانوا يملكزن نصف مالديه من عزيمه ورغبه عارمه فى الكفاح وتلذذ بالمعاناه.
لم يكن بيتهوفين بالرجل الذى عرف معنى السعاده فى حياته مع الآخرين , فبالاضافه لنشئته الأسريّه الخاليه من الحنان والحب كان عليه أن يدخل فى أواخر أيامه معركه مع زوجة أخيه ليطالب بالوصايه على ابن أخيه وهو ماتحقق له الاّ أنه فشل فى رعايته واحتوائه فهرب من منزله ومن انعزال بيتهوفين الدائم فى موسيقاه وخلف جدار من الصمم الذى كان يعانى منه وان عوّضه بيتهوفين عن ذلك بترك كل ما يملك (وهو قليل للغايه) له عند وفاته , وأى فارق هذا من الناحيه الأسريّه بين بيتهوفين وبين يوهان سيباستيان باخ مثلا الذى كان له من زوجته الأولى سبع أولاد ومن زوجته الثانيه التى حلّت محل الأولى بعد وفاتها ثلاثة عشر ولدا وكان رجل عائله ملتزما وعاش حياه أسريّه هادئه وسعيده..........واذا كان باخ بالذات شديد الورع والتديّن معتبرا أن الموسيقى هى أحد أنواع العباده مما انعكس على مؤلّفاته التى أبدع فيها مايسمّى سيمفونيّات آلام القدّيسين مثل سيمفونيّة آلام القديس يوحنا وآلام القديس متّى , واذا كان بيتهوفين لم يدخل الكنيسه الاّ قبل وفاته بعام وقام بتأليف مقطوعه دينيه فاقت روعتها كل ماسبق وتم تأليفه للترنيم , ورغم هذا المظهر الغير ملتزم دينيّا فقد كان بيتهوفين أكثر الموسيقيين تمسّكا بالأخلاقيات والمثل والمبادئ العليا على الصعيد الانسانى , فقد رأى فى نابوليون بونابرت الفارس النبيل الذى جاء لينقذ البشريّه من شرورها وينشر العدل والمساواه بين البشر فقام بتأليف سيمفونيته الثالثه واهدائها الى نابوليون , ولكنّه عندما علم بتنصيب نابوليون نفسه امبراطورا واجتياحه لأوروبا مشعلا نيران الحرب بها اكتئب بيتهوفين وانعزل عن الناس وقام بجمع جميع النوت الموسيقيّه الخاصه بهذه السيمفونيّه وقام بتعديل اسمها الى "ايرويكا" أى البطوله أهداها لروح الثوره الفرنسيّه النبيله وأتبع ذلك بتأليفه لأعظم سيمفونيّات التاريخ وهى سيمفونيّته الخامسه المعروفه باسم "ضربات القدر" والتى كانت ثوره موسيقيّه ببدايتها المعبّره عن فوران الغضب وبركان الاحساس بالخيانه وتهاوى المبادئ الذى اعترى بيتهوفين.
وليس أدل على عظمة بيتهوفين من أن ذلك العبقرى الذى أفجع القلوب وكتم الأنفاس وجعل الأبدان تقشعر من مقدّمة سيمفونيته الخامسه والتى جعل المستمع لها يشعر بضربات القدر تطرق رأسه وليس بابه فقط هو نفسه ذلك العبقرى الذى أبدع بعدها سيمفونيته السادسه التى كانت معبّره عن جمال الطبيعه وروعتها فنقل للمتلقّى أصوات تغريد البلابل وخرير المياه وحفيف الشجر رغم أنه كان غير قادر على سماعها لاشتداد الصمم عليه فى هذه الفتره لدرجة أنه كان يقوم بسكب الماء البارد على رأسه قبل الجلوس على البيانو ثم يقوم بالصاق أذنه بخشب البيانو حتى يستطيع سماع النغمات التى يؤلّفها وهو السبب الذى جعله يعتزل العزف فى دور الأوبرا بعد أن أصبح عازفا لايسمع النغمات التى تصدرها أصابعه.
ورغم اشتداد الصمم عليه حتى أصبح صمما كلّيا ظل يكافح ولا يرى لحياته معنى سوى فى ابداع وتأليف أكثر مايمكنه من الموسيقى , ولعل حبّه للموسيقى الذى ارتقى لدرجة تمحور حياته عليها يتجلّى عند عرض سيمفونيّته التاسعه فى فيينا حيث كان ظهره للجمهور وراء العازفين ولم يسمع تصفيق الجماهير فى نهاية العرض فأخذ المايسترو بيده ليدير وجهه للجمهور وتلقّى التحيّه ولكنه ما أن كاد يلتفت للجمهور حتى رأى آلة شيللو تكاد تهوى وتسقط وراء الستار الخلفى للمسرح فتناسى تلقّى تحيّة الجمهور وجرى بأقصى سرعه خلف الستار ليلحق بالآله قبل أن تهوى وتتحطّم.
وتتجلّى مأساة بيتهوفين عندما أصبح أصم بالكامل فأصبح التواصل بينه وبين الآخرين منعدما فتقوقع وانغلق على نفسه وانزوى فى منزل حقير يبدع على البيانو الخاص به وقد انفصل عن العالم لدرجة أنه أصبح وحيدا فى هذه الدنيا الاّ من نفسه ونوته الموسيقيّه فكان يخرج الى الشارع هائما تحت الثلوج والأمطار فى الشتاء النمساوى القارص وهو يرتدى ملابسه التى لم يكن يغيّرها أو يبالى بالاستحمام وتنظيفها بالثلاثة أسابيع فيجرى ورائه الأطفال جريهم وراء المجاذيب ويرشقونه بكرات الثلج ......ولكنه لم يحس بهذه المهانه لأنه كان لايرى الا الموسيقى فى حياته , وعندما زاره الموسيقى الكبير "روسينى" فى أواخر أيامه بكى بحرقه وغادر منزله المتواضع بعدما وجد بقايا الطعام مبعثره على الأرض وقطعة خبز أسود وجبن عفن وكأس نبيذ رخيص فوق البيانو ووجد بيتهوفين وهو فى حاله صحّيه يرثى لها ولا يوجد بوادر أى اعتناء منه بمظهره أو نظافته ولكنّه جالسا على البيانو ولا يبدو عليه الوعى الكامل بوجود روسينى الذى ما أن سمع القطعه الموسيقيّه العبقريّه التى كان بيتهوفين يؤلّفها فى هذه الليله حتى خرج من المنزل وهو يبكى لأنه لم يستطع أن يرى بيتهوفين يعيش مع الآلهه بفنّه ومع الكلاب بطعامه.